للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدلَّ بعضُ الشافعية بقريب من هذا فقالوا: إنَّه يجوزُ له (١) كشفُ العورة، ولو لم يكنْ واجبًا لما جاز (٢).

وهذا لا يمكنُ أن يُجعلَ الحديثُ دالًّا عليه، بل هو أجنبي عنه؛ إذْ إبراهيمُ - صلى الله عليه وسلم - هو الخاتنُ لنفسه، فلا كشفَ عورة محرمٌ حينئذ، وإنما هو دليل مستقل، إن صحَّ فإنَّه قد نُقِضَ عليهم بكشف العورة للتداوي مع أنَّه غيرُ واجب، وأجاب بعضهم عنه (٣).

الرابعة: وجوب الختان على النساء لا يتناوله هذا الدليل الذي قدَّمناه، فإن الواقعَ ختان الرجال، فإن قام دليلٌ على أن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أُمر بختان هاجر أو فعله أو أباحه، فذلك الدليلُ هو الذي يُستدلُّ به على مقدِّمة من مقدِّمات الدليل على وجوب ختان النساء، لا هذا الحديث الذي نحن في شرحه.

ولعلَّ هذا هو السببُ في تفرقةِ مَنْ فرَّق بين ختان الرجال وختان النساء في الوجوب، ويكون قد نظر إلى قصور دلالة هذا الحديث عن


(١) أي: للختان، وبسببه.
(٢) انظر: "المهذب" للشيرازي (١/ ١٤).
(٣) جاء على هامش "ت": "بياض نحو سبعة أسطر من الأصل".
قلت: وكلام المؤلف رحمه الله في جواب بعضهم عن استدلال بعض الشافعية بجواز كشف العورة للختان.
وقد ذكر النووي رحمه الله في "المجموع" (١/ ٣٦٦) هذا وقال: وأورد عليه كشفها للمداواة التي لا تجب، ثم قال: والجواب: أن كشفها لا يجوز لكل مداواة، وإنما يجوز في موضع يقول أهل العرف: إن المصلحة في المداواة راجحة على المصلحة في المحافظة على المروءة وصيانة العورة، فلو كان الختان سنة، لما كشفت العورة المحرم كشفها له.

<<  <  ج: ص:  >  >>