للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: ٤٤] , {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [فاطر: ٢٦] , {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} [الروم: ١٠] , فلأجلِ هذا المعنى؛ أعني: التراخي، امتنعَ أن تقعَ في جواب الشرط، فلا تقول: إن تعطني، ثم أنا أشكرك، كما تقول: فأنا أشكرك؛ لأن الجزاءَ لا يتراخى عن الشرط، فالمعنيان مُتنافيان، وكذلك أيضًا لا تقعُ في باب الافتعالِ والتفاعل؛ لمنافاة معناها معنى الافتعالِ والتفاعل، وتُفارِقُ في هذا الفاء، وتفارقها أيضًا في أن لا يعطفَ بها ما لا يصلحُ كونه صلةً على ما هو صلة، كقولك: الذي يطير، ثم يَغْضبُ زيد، الذباب (١)، بخلاف فيغضب زيد؛ لأن (يغضب) جملة لا عائدَ فيها على (الذي)، فلا يصحُّ أن تعطف [بـ (ثم)] (٢) على الصلة؛ لأن [من] (٣) شرط ما عُطِفَ على الصلة أن يَصلُحَ وقوعُهُ صلةً، والعطفُ بالفاء لا يشترط فيه ذلك؛ لأنها تجَعل ما بعدها مع ما قبلها في حكم جملة واحدة؛ لإشعارها بالسببية.

الرابعة: [ذُكِرَ لتعليلِ الفرق] (٤) بين (ثم) و (الفاء) في التراخي وعدمه: أنه لما تراخى لفظُها بكثرة حروفها تراخى معناها؛ لأن قوةَ اللفظ مؤذنةٌ بقوة المعنى؛ ذكره ابن يعيش (٥).


(١) في الأصل: "والذباب"، والمثبت من "ت".
(٢) سقط من "ت".
(٣) زيادة من "ت".
(٤) سقط من "ت".
(٥) انظر: "شرح المفصل" لابن يعيش (٨/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>