للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولُهُ تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: ٨٢] فَأُوِّلَ بأن المرادَ دائمٌ على الاهتداء، وكذلك: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: ٩٠]؛ أي: دوموا، وكذلك: {ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: ٩٣]: ثم داموا على الانتقاء والإيمان, ثم داموا على الانتقاء والإحسان.

ولقائل أن يقول: ليس في هذا بيانٌ واضحٌ يُتخلَّصُ به عن سؤال التراخي، فإن الدوامَ هو الاستمرارُ في الزمان، فإذا أُخذَ فيه الزمن الأول بعد انقضاء زمن المعطوف عليه، فالذي هُرِبَ منه في أمر التراخي بالنسبة إلى الاهتداء عائدٌ بالنسبة إلى الدوام.

وأما قوله تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} [السجدة: ٧ - ٩] , فقد أُوِّل بأن معناه: وبدأ خلق آدمَ من طين، ثم [جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم سواه ونفخ فيه من روحه، فيكون النفخُ والتسوية متأخرين عن] (١) حكم الله (٢) بجعل نسله من سلالة من ماء مهين، وذكر هذا [المؤوِّلُ أنه بيّنٌ] (٣) أنَّ العربَ تقول: فعل، بمعنى: حكم بالفعل، قال: إن جعلت النفخ والتسوية لآدم - عليه السلام -؛ كما أنهما له في قوله سبحانه وتعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي


(١) زيادة من "ت".
(٢) لفظ الجلالة (الله) سقط من "ت".
(٣) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>