للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلامه بكماله (١)، وإن كانَ المقصودُ [الآن] (٢) بعضَهُ لغرابته، وحصولِ (٣) فوائدَ أخرى منه.

والذي وجدناه: أنه سُئِلَ أبو محمَّد بن بري - رحمه الله - عن قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: ١١] إلى قوله - عز وجل -: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: ١٧]؛ ما معنى (ثم) (٤) هنا؟

فقال: الجواب: اعلمْ أنَّ الأصلَ السابعَ في (ثم) أن تكونَ لترتيب الثاني على الأول في الوجود لمُهلَةٍ بينهما في الزمان؛ كقوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [المؤمنون: ٣١] وكقولك: جاء زيد، ثم جاء عمرو، قال سيبويه: هما مَجيئان، ويجيءُ كثيرًا لتفاوتِ ما بين رتبتين (٥) في قصد المتكلم، وهذا على أقسام: فمنه: تفاوتٌ بين رتبتي الفعلِ مع السكوت عن تفاوتِ رتبتي الفاعل؛ نحو قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١] فـ (ثم)


= الغواص" للحريري، توفي سنة (٥٨٢ هـ).
انظر: "إنباه الرواة" للقفطي (٢/ ١١٠)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (٢١/ ١٣٦)، و"كشف الظنون" للحاجي (١/ ٧٤١)، (٢/ ١٠٧٣)، و"هدية العارفين" للبغدادي (١/ ٢٣٧).
(١) "ت": "بكلامه".
(٢) زيادة من "ت".
(٣) "ت": "وبحصول".
(٤) "ت": "ها هنا".
(٥) "ت": "الرتبتين".

<<  <  ج: ص:  >  >>