للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقيم عندَكُمْ (١) شَهْرًا فإنْ أحمدتُ مقامي وإلا تحوَّلت.

ولا يُقصَدُ بـ (ثمَّ) والفاء في هذا المعنى ترتيبٌ وجودي، بل تفصيل معنوي، ألا ترى أن قولك: اغتسلَ وأفاضَ الماءَ على شقِّهِ الأيمن، ثم على الشق (٢) الأيسر، [ثم على رأسه]، (٣) ثم على بطنه، ثم على ظهره، لم يكنْ قصدُك إلا البيانَ، لا الترتيبَ، ولو قَدَّمتَ وأَخَّرتَ جاز.

وكذلك لو أتت (الفاء) (٤) موضعَ (ثم)، فإن كان الموضعُ يحتمل ترتيبًا جاز أن يُقصَدَ الترتيبُ، وجاز أن يُقصَدَ التفصيلُ؛ نحو: توضأَ فغسلَ وجهه، ثم يديه، فإن أردتَ الترتيبَ لا يجوز لك التقديمُ والتأخير، [أوإن أردت التفصيلَ، جاز التقديمُ والتأخير] (٥).

وإنما استُعْملَت (ثم) و (الفاء) للتفصيل حَمْلًا على (أو) في نحو قولك: الجسمُ ساكنٌ أو متحرك، الإنسان ذكر أو أنثى، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] الآية، (أو) منها عندَ الشافعيِّ - رحمه الله - للتفصيل، وهي عند مالك - رحمهُ الله - للتخيير (٦).

وهذا الذي ذكرناه عن الشيخ أبي محمد بن بَري في أن التفصيلَ


(١) "ت": "عندك".
(٢) "ت": "شقه".
(٣) زيادة من "ت".
(٤) "ت": "لو أتيت (بالفاء").
(٥) سقط من "ت".
(٦) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>