للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترتيب أو التراخي في الرُّتبة] (١)، وقد ذكرنا عن أبي الحسن بن عصفور من النحاة تسليمَ ذلك، وهو مجاز (٢) في (ثم)، وأما أهلُ صناعة البيان فهو مشهورٌ بينهم، مُتَداوَلُ (٣) الذكر، يُبدونَ [فيه] (٤) معانيَ حسنة، ويستخرجون بلطف (٥) الذهن محاسنَ الكلام، ويأتي بعضُهم فيه بأشياءَ مهمة، فمنه قولُه تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١]؛ لبعد ما بين الكفرِ، وبين خَلْقِ السموات والأرض وجَعْلِ الظلمات والنور.

ومن لطيف هذا ما قاله الزمخشريُّ في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: ١٢٣]؛ فإنه قال: وفي (ثم) ما فيها من تعظيمِ منزلةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - وإجلال محله، والإيذانِ (٦) بأنه أولى وأشرفُ ما أُوتَي خليلُ الله من الكرامة، وأجلُّ ما أوتي من النعمة اتِّباعُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له في ملته (٧). وأمثالُ هذا كثيرٌ في كلام أهل البيان.

الثانية عشرة: الذي أوجب لنا أن نتكلمَ في (ثم) [ومدلولها ما جاءَ


(١) سقط من "ت".
(٢) "ت": "مجوز".
(٣) في الأصل: "متناول"، والمثبت من "ت".
(٤) زيادة من "ت".
(٥) "ت": "بلطيف".
(٦) في الأصل: "إيذان"، والمثبت من "ت".
(٧) انظر: "الكشاف" للزمخشري (٢/ ٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>