للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الماضي، وهو صنيع معتمد، فليس هذا الحديث بكذب، انتهى.
قلت: لكن ذكر شيخ الإسلام أن الكذب يعرف من نفس متنه، لا يحتاج إلى النظر في إسناده؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان مدينة العلم، لم يكن لهذه المدينة إلا باب واحد، ولا يجوز أن يكون المبلغ عنه واحدًا، بل يجب أن يكون المبلغ عنه أهل المتواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب، ورواية الواحد لا تفيد العلم إلا مع قرائن، وتلك القرائن إما أن تكون منتفية، وإما أن تكون خفية عن كثير من الناس أو أكثرهم، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنة المتواترة، بخلاف النقل المتواتر الذي يحصل به العلم للخاص والعام. وهذا الحديث إنما افتراه زنديق أو جاهل ظنه مدحًا، وهو مطرق الزنادقة إلى القدح في علم الدين إذا لم يبلغه إلا واحد من الصحابة، ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر، فإن جميع مدائن المسلمين بلغهم العلم عن رسول الله من غير طريق - رضي الله عنه - ,ثم ذكر كلامًا طويلًا في هذا المعنى. انظر: "مجموع الفتاوى" (٤/ ٤١٠) وما بعدها.
ونرجع إلى ما قاله الأئمة في إسناد هذا الحديث: وقد سبق كلام الترمذي في حديث الصنابحي وأنه منكر، ونقل في "العلل" (ص: ٣٧٥) قال: سألت محمدًا؛ يعني: البخاري، عنه، فلم يعرفه، وأنكر هذا الحديث.
وقال ابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٩٤): هذا خبر لا أصل له عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا شريك حدث به، ولا سلمة بن كهيل رواه، ولا الصنابحي أسنده.
وقال الدارقطني في "العلل" (٣/ ٢٤٧): الحديث مضطرب غير ثابت.
وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (١/ ٣٤٩) وقد وافقه الذهبي وغيره على ذلك.
قال السخاوي في "المقاصد" (ص: ١٢٤): وبالجملة فكلها ضعيفة، وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس، بل هو حسن، انتهى. كذا قال. =

<<  <  ج: ص:  >  >>