للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا سيَّما الأولَى، ونحن نعلمُ بالضرورةِ أنَّهُ لمْ يقمْ بالأعضاءِ شيء، وليس إلا منع شرعي من أمور مَدَّه الشرع إلَى استعمال المطهر، ولو قدرنا شيئاً من هذا قائماً بالأعضاءِ، لمْ يتصورْ فيه الانتقال، بل لو نصَّ الشارعُ علَى فساد الماء المُستعمل لمْ يلزمْ شيءٌ من هاتين العلتين.

وأقوَى ما قيل علَى فساد الماء المستعمل: إنَّ الأولينَ لمْ يجمعوا المياهَ المستعملة مع مبالغتهم في الاحتياطِ للعبادة (١)، ولو كان طهوراً لجمعوه، ولم ينتقلوا إلَى التيمم.

فيُقَال علَى هذا: أنَّهُ استدلالٌ بفعل الأولين لعدم الجمع والتيمم، فالمشار إليهم بذلك؛ إما أنْ يكونوا كل الأمة أو بعضهم؛ فإنْ كَانوا كلَّ الأمة فالملازمةُ بين كونهم لمْ يجمعوا وبين فساد الماء إنْ كَانت ثابتةً يلزم أنْ يكونوا أجمعوا علَى أنَّ الماءَ المستعمل فاسد، وذلك باطلٌ لنقل الخلاف في المسألةِ؛ أعني: عن المتقدمين، ولا يلزم (٢) أنْ يكونَ من رأَى طهوريتَهُ بعدهم خارقاً للإجماع، ويجب تنزيهُ أئمة الفُتيا (٣) عنه، وإنْ لمْ تكنْ هذه الملازمة ثابتةً جاز أنْ يكونوا أجمعوا علَى عدم الجمع، وأنهم - أو بعضهم - لمْ يروا (٤) ثبوتَ هذه


(١) "ت": "للاحتياط في العبادات".
(٢) "ت": "ولأنه" بدل "ولا".
(٣) "ت": "التقوى".
(٤) "ت": "لم ير".

<<  <  ج: ص:  >  >>