للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلام بعضهم إشارةٌ إلَى أن سببَ التقديم في الإقبالِ معنى التفاؤل، وهذا إبقاءٌ للفظِ الإقبال والإدبار علَى معناه الإفرادي الذي اعتقده، وهو أنَّ الإقبالَ المرورُ إلَى جهة القبل، والإدبار المرور إلَى جهة الدُّبر، ولكنه تصرَّف في اللفظِ بالتقديم (١) والتأخير.

الوجه الثاني: أنَّ الإقبالَ والإدبار من الأمورِ الإضافية؛ تختلف بالنِّسبَةِ إلَى ما إليه يُقبَلُ، وعنه يُدبَرُ، فما كان إقبالًا إلَى شيء فمقابلُهُ الإدبارُ عنه، فيمكن أنْ يكونَ الإقبالُ منسوبًا إلَى مؤخر الرأس والإدبار منسوبًا إليه أيضًا؛ أي: يكون إليه الإقبالُ، وعنه الإدبار.

وهذا تصرفٌ في المعنى الإفرادي بالنِّسبَةِ إلَى اللفظينِ؛ أعني: الإقبال والإدبار؛ لأنه لمْ يجعلِ الإقبالَ هو المرور إلَى جهة القبل، بل أعمَّ من هذا، وهو المرورُ إلَى الجهة (٢) المقصود إليها، والإدبار عن الجهةِ التي أقبل عليها كيفَ ما كانت الجهةُ، وفيه مع ذلك إبقاءُ الهيئة علَى ما هي عليه [من] (٣) الابتداءِ بمنابت الشعر التي تلي الوجهَ إلَى القفا، ثم الرجوعِ إلَى حيثُ بدأ.

الوجه الثالث: أنَّ الفعلَ يُطلَقُ باعتبار مُبتَدَئِهِ [تارةً] (٤) ومُنتهاه أخرَى، فيُقَال لمن ابتدأ بمقدم رأسه: أدبر؛ لأنه فعلٌ إلَى الدبرِ، فسمَّاه بما يؤول إليه، وبهذا المعنى تُؤُوِّلت روايةُ من روَى: "فأدبَرَ


(١) "ت": "في التقديم".
(٢) في الأصل: "جهة"، والتصويب من "ت".
(٣) سقط من "ت".
(٤) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>