للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا استدلالٌ طريفٌ منْ حيثُ اللفظُ إلا أنَّهُ غير عامٍّ في جميعِ الموانعِ، ولم يَقصِد العمومَ.

السابعة: هذا التعليقُ إنما هوَ بالنِّسبَةِ إلَى العملِ في اللفظِ، وأمَّا الموضعُ فإنَّ الفعلَ يعملُ فيه، واستدَلَّ علَى ذلكَ بقولِ كُثيِّرٍ [من الطويل]:

وما [كُنْتُ] (١) أَدْرِي قَبْلَ عَزَّةَ ما الهَوَى ... ولا مُوجِعاتِ القَلبِ حتَّى تَوَلَّتِ (٢)

فعَطْفُ (موجعاتِ)، وهو منصوبٌ، علَى الجملةِ التي هِيَ (ما الهوَى)، دليلٌ علَى أنَّ الجملةَ في موضعِ النصبِ، وهذا الفرقُ بين التعليقِ والإلغاءِ؛ لأنَّ الإلغاءَ لا يعملُ في لفظٍ ولا موضعٍ؛ كقولِكَ: (زيدٌ قائمٌ ظَنَنتُ)، ويفترقانِ أيضاً في الوجوبِ والجوازِ، فالتعليقُ في مَحلِّهِ واجبٌ، والإلغاءُ إبطالُ العملِ علَى سبيلِ الجوازِ.

الثامنة: التعليقُ بالعشرة لازمٌ لمعاني هذهِ الألفاظِ، فالعلمُ لا بدَّ لهُ من مُتَعلقٍ، وهو المعلومُ، والظنُّ لا بدَّ لهُ من مُتَعلقٍ، وهو المظنونُ، وكذلكَ سائِرُها، وإذا كانَ كذلِكَ ونَظَرْنا إلَى المعنَى فلا بُدَّ وأن نعلمَ مُتَعلقَ هذهِ الأفعال فيما تدخُلُ عليهِ، وقد يظهرُ ذلكَ في بعضِها،


(١) سقط من "ت".
(٢) انظر: "ديوانه" (ص: ٩٥)، (ق ٣/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>