للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ أردتَ ببيانِهِ ما هوَ أعَمُّ مِنْ ذلِكَ، فقدْ بيَّنَهُ - صلى الله عليه وسلم - علَى حسبِ ما يَفهَمُهُ الناسُ، ويتخاطَبُونَهُ (١) بينهم؛ فأمَّا أصلُ التعليلِ فَقَد تَبَيَّنَ بـ (الفاءِ) و (ثمَّ)، وأمَّا كونُهُ لأَجلِ احتمالِ النجاسةِ، أو القذارةِ، فذلكَ لفَهمِ السياقِ في مثلِ هذا الكلامِ للعلةِ؛ لأنَّ مَنْ عَلِمَ من قواعِدِ الشرعِ التحرُّزَ (٢) مِنَ النجاسةِ، وتأثرَ الماءِ بوقوعِ النجاسةِ فيهِ، وطَلَبَ الشرعِ النظافةَ، وسَمعَ هذا اللفظ المُقتضي للتعليلِ، لمْ يَشكَّ بأنَّ المقصودَ التَّحرُّزُ؛ إمَّا عن النجاسةِ، أو القذارةِ.

ومنْ زَعَمَ أنَّهُ لا فَرقَ بينَ أنْ يُؤمَرَ قاصدُ وضْعِ يدهِ في الماءِ للوضوءِ بِغَسلِهَا قبلَ ذلك؛ ويُعلَّلُ ذلِكَ بأنَّهُ لا يدري مبيتَ اليدِ أيَّ مكانٍ من الجسدِ، وبينَ أنْ يؤمَرَ بهذا الغسلِ في مثلِ هذه الحالةِ، ويعلَّلَ بهبوبِ الرياحِ، و (٣) نَعيقِ الغرابِ، بالنِّسبَةِ إلَى عدمِ (٤) المناسبةِ، فما بهِ في العقلِ من طباخٍ.

وأما قولُهُ: فلو كانَ ذلِكَ خوفَ نجاسَةٍ لكانَتِ الرِّجلُ كاليدِ في ذلكَ، ولكانَ باطنُ الفخذينِ، وما بينَ الأَليتينِ، أولَى بذلكَ، فكأنَّهُ فهمَ أنَّ المقصودَ من قولِ مَنْ قالَ: إنَّ ذلِكَ للنجاسةِ،


(١) "ت": "ويتخاطبوه"، وكتب فوقها "كذا".
(٢) في الأصل: "على التحرز"، والمثبت من "ت".
(٣) "ت": "أي" بدل "و"، وكتب فوقها "كذا".
(٤) "ت": "هذا" بدل "عدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>