للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثاً؛ فإنَّهُ لا يَدرِي أينَ باتَتْ يدُهُ" (١).

ففي أوَّلِ كلامِهِ تخصيصُ هذا الحكمِ بالوضوءِ، والذي استدلَّ بِهِ لا تخصيصَ فيهِ، فالواجبُ أنْ يَعُمَّ الحُكمُ، وإنْ أخذَ ذلكَ منَ الحديثِ الذي فيهِ: "في إنائِهِ"، فذلكَ [بعيدٌ]، عن الصوابِ؛ لأنَّه يَتبعُ الأسماءَ، ويُجري الأحكامَ عليها، واسمُ الإناءِ لا ينطلقُ علَى النهرِ، وقد عدَّى الحكم إليه.

وأمَّا أمرُ المضمَضَةِ والاستنشاقِ فإنَّهُ أورَدَ حديثَ أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا استيقَظَ أحدُكُم منْ منامِهِ، فتوضَّأَ، فليَستنثِرْ ثلاثَ مراتٍ، فإنَّ الشيطانَ يَبيتُ علَى خَيشومِهِ وأتبعَهُ بإسنادٍ آخرَ لفظُهُ: "إذا استيقَظَ أحدُكُم منْ منامِهِ فليستنثِرْ ثلاثَ مراتٍ؛ فإنَّ الشيطانَ يبيتُ علَى خَيشومِهِ وإسنادٍ آخرَ لفظُهُ: "إذا استيقظَ أحدُكُم منْ منامِهِ فتوضَّأَ"؛ كما في الأولِ (٢)، فليسَ في شيءٍ منْ هذا ما يدُلُّ علَى كونِهِ يجبُ أنْ يغسلَها ثلاثَ مراتٍ، ويستنشقَ ويستنثرَ ثلاثَ مراتٍ، قبلَ أنْ يُدخِلَها في الإناءِ، وإنَّما الأمرُ فيهِ الأمرُ بالاستنشاقِ والاستنثارِ في الوضوءِ لا غير.

هذا إنْ أوجَبَ الاستنشاقَ والاستنثارَ قبلَ إدخالِ اليدينِ في الإناءِ،


(١) تقدم تخريجه عند مسلم وغيره. وانظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٢٠٦ - ٢٠٧).
(٢) المرجع السابق، (١/ ٢٠٨ - ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>