للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلزامٌ للعمومِ في أحكامهما؛ أعني: حكمَ الرأس والأذنين، والتخصيص، فإنْ كَان المقصودُ الردَّ علَى من يقول بالحكمِ بالتعميم، فليس يقوله أحد، وإنْ كَان المقصودُ الردُّ علَى من يستدلُّ بلفظ الحديثِ علَى أنهما من الرأسِ، وإلزامَهُ التعميمَ في الأحكامِ من هذا اللفظ، فقد يقول: هذا غايةُ ما يلزمُ منه التخصيصُ، وإذا صحَّ الحديثُ فلا بدَّ له من مَحملٍ صحيح، وإذا تعذَّرتِ الحقيقةُ حُملَ علَى المجازِ، فإذاً يؤول ذلك إلَى مسألةٍ من مسائلِ تعارضِ أحوال اللفظ، وهي تعارضُ المجاز والتخصيص، وقد قالوا: إنَّ التخصيصَ أولَى (١)، فيُعترَضُ عليه بأنهُ يُلزمُكَ المجازُ بإخراج اللفظ عن حقيقته،


(١) وذلك لوجهين:
أحدهما: أن في صورة التخصيص، إذا لم يقف على القرينة، يجريه على عمومه، فيحصل مراد المتكلم وغير مراده.
وفي صورة المجاز إذا لم يقف على القرينة، يجريه على الحقيقة، فلا يحصل مراد المتكلم، ويحصل غير مراده.
الثاني: أن في صورة التخصيص انعقد اللفظ دليلًا على كل الأفراد، فإذا خرج البعض بدليل، بقي معتبراً في الباقي، فلا يحتاج فيه إلى تأهل واستدلال واجتهاد.
وفي صورة المجاز انعقد اللفظ دليلاً على الحقيقة، فإذا خرجت الحقيقة بقرينة احتيج في صرف اللفظ إلى المجاز إلى نوع تأمل واستدلال، فكان التخصيص أبعد عن الاشتباه، فكان أولى. انظر: "المحصول" للرازي (١/ ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>