للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم الذي يقوله بعضهم: من أنَّهُ يقال: غمسْتُ ثوبي وما غسلتُهُ، فيه دليلٌ لو ثبت، لكنَّه يُنازَعُ في ذلك.

وأقوَى شيءٍ استُدلَّ به في هذا ما جاء في "الصحيحِ" في حديث غسل بول الصَّبي: "فَدَعَا بمَاءٍ فَأَتبْعَهُ إيَّاهُ، ولمْ يَغْسِلْهُ" (١)، فنفَى الغسلَ مع وجود إتباع الماء، وقد استدلَّ به بعضُ المالكية.

ولقائل أنْ يقولَ عليه: أحدُ الأمرين لازمٌ عن هذا الحديث؛ إمَّا بُطلانُ الاستدلال، أو بطلان المذهب؛ لأنَّ هذا الإتباعَ بالماء؛ إمَّا أنْ يُسمَّى غسلًا، أو لا، فإن سُمِّي غَسْلاً لمْ يصحُّ الاستدلال؛ لأنَّ إثباتَ كونِهِ غَسلاً مع نفيِ كونِهِ غسلًا مُحالٌ، وإنْ لمْ يكنْ غسلًا بطلَ المذهب؛ لأنَّه حصل الاكتفاءُ به، ولا يُكتفَى عنده إلَّا بالغسلِ، ولا يرد علَى هذا إلَّا شيءٌ من الجدلياتِ، هو بمعزلٍ عن التحقيق.

الثالثة: من الظاهرِ القويِّ جداً أن هذا الدَّلكَ لأجل طهارة الوضوء، ويحتمل أنْ يكونَ لأجل غيرِهِ، لكنَّه باطلٌ، أو بعيدٌ جداً، فيدلُّ علَى طلبيةِ الدَّلك في طهارة الغسل، إذا لمْ يتبينْ أنَّ حقيقةَ الغسل تقتضي أمراً زائدًا علَى وصول الماء.

الرابعة: منطوقُهُ الدَّلكُ في الذراعينِ، وبقيةُ الأعضاء تجري مجراه؛ لعدم الافتراق في المُقتضَى، فيمكنُ أنْ يكونَ التخصيصُ


(١) رواه البُخاريّ (٥٩٩٤)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم، ومسلم (٢٨٦)، كتاب: الطهارة، باب: حكم بول الطفل، وكيفية غسله، من حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>