للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو نَقَصَ، فقد أساءَ وظلمَ" (١) لا يصحُّ؛ لأنَّ (٢) المراد: مَن زادَ في عدد المرات (٣).

قلت: وأمّا أصلُ الزيادةِ علَى المرفقينِ والكعبين فثبتَ بالحديثِ عن النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - لظاهرِ قولِ أبي هريرة وقد فعل ذلك: "هكذا رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ".

وأمَّا ما زادَ علَى ذلك ممَّا وقع إلَى المنكبينِ، أو ما يقاربهما، فلم يثبتْ بهذا عن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

وتأويلُ القاضي عِياض الإشراعَ المرويَ عن النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بأنَّهُ محمولٌ علَى استيعابِ المرفقين والكعبين بالغسلِ، فعَبَّرَ عن ذلك بالاشراعِ في العضدِ والساق؛ لأنها مباديهما؛ فإن أرادَ بذلك نفيَ أصلِ الشروع في العَضُدِ والساق، وعدم الزيادة علَى المرفقِ والكعبين، فبعيدٌ مخالفٌ لحقيقةِ اللفظ وظاهرِه، إنْ كان المراد بـ (أشرع) معنى الشروع؛ إما بواسطة، أو بغيرِ واسطة، وإن أرادَ ما زادَ علَى ابتداءِ الشروع؛ كفعل أبي هريرة - رضي الله عنه -، فلا يثبتُ عن النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فعلاً.

واستحبابُ أصلِ الشروع في العضدِ والساق دونَ ما رُوي من التطويلِ الكثير، هو ظاهرُ الحديثِ بعدَ النظر في الإشراعِ ومدلولهِ؛ كما تقدم.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) في الأصل: "أن"، والمثبت من "ت".
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>