للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشكال، وقد نصوا علَى ذلك في الحاكمِ إذا حكم بما لا يظهر وجهُه للمحكوم عليه أنْ يذكر مُستندَه، وهذا من باب نفي التهمة الذي هو أمرٌ مطلوب مطلقاً، لا سيما ممن يُقتدَى به؛ فإنَّه إذا بقي الفعل علَى ظاهره من الامتناعِ أسقط مصلحة المقتدَى به ظاهراً، أو فوّت فائدة حكمِه وعلمِه علَى النَّاسِ، وقد ينتهي بعضُ هذا إلَى الوجوب.

الثالثة عشرة: في قولِ أبي هريرة هذا القول ما يشعرُ أنَّ هذا ليس أمراً معمولًا به عندَ الجمهور من النَّاسِ في ذلك الزمان، وقد أخذوا من مثل هذا عدمَ استحباب الفعل، أو كراهته؛ كما فعله المالكية في الصلاةِ علَى الميِّتِ في المسجد؛ استدلالاً بما جاء في الحديثِ من إنكار النَّاس ذلك (١)، وهو أضعفُ من هذا الذي نحن فيه؛ لأنَّ النَّاسَ المنكرين ثمّ، لمْ يتعينوا لأنْ يكونَ قولهم أو فعلهم حجةً، وحمل النَّاس علَى جميعهم ليس بالقوي، وظاهرُ اختفاءِ أبي هريرة بهذا الفعل مع عدم نقلِهِ عن غيره يقتضي أنَّهُ قصدَ الإخفاءَ مُطلقاً، إلَّا أنْ يُقَال: المراد إخفاؤُهُ عن بني فروخ المعجم؛ لقُربِ جهلهم ببعضِ الأحكام،


(١) روى الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٢٢٩)، ومسلم (٩٧٣)، كتاب: الجنائز، باب: الصَّلاة على الجنازة في المسجد، عن عائشة رضي الله عنها: أنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد حين مات لتدعو له، فأنكر ذلك النَّاس. عليها، فقالت عائشة: ما أسرع ما نسي النَّاس، ما صَلَّى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - على سهيل بن بيضاء إلَّا في المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>