للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقِّ كل مؤمن حقيقي توضأ، فيدل وجودُها في الجمعِ المتميز علَى أنَّهُ الأمة، ولا يدلُّ انتفاؤها في الفردِ علَى الخروج عن الملةِ؛ لأنَّ انتفاءها في الفردِ جاز أنْ يكونَ للخروج عن الملةِ، وجاز أنْ يكونَ لانتفاء الوضوء في بعض الأفراد مع كونه من الملةِ؛ كالصحابي الذي أسلم يوم أحد وخرج فقُتِل، ولم يصلِّ صلاة، فإنَّ العلامةَ عن الوضوءِ هاهنا منتفيةٌ مع الإيمان، ومما يقرب هذا - أعني: أنَّ الأممَ تتميز بالمكان - ما في الصحيحِ من حديث ابن عباس من قول النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عرضت عليَّ الأممُ فرأيتُ النبيَّ، ومعه الرُّهَيطُ، والنبيَّ ومعه الرجلُ والرجلانِ، والنبيَّ ليس معه أحدٌ، إذ رُفِع لي سوادٌ عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسَى وقومُه، ولكن انظرْ إلَى الأفقِ، فنظرتُ فإذا سوادٌ عظيم، فقيل لي: انظرْ إلَى الأفقِ الآخَرِ، فنظرتُ فإذا سوادٌ عظيمٌ، فقيل: هذه أمَّتُك. . " الحديث (١)، فهذا يدلُّ علَى التمايزِ بالأماكنِ، ويصرح به الحديث الصحيح: "وتبقَى هذه الأمة فيها منافقوها" (٢).

فإن قيل علَى الوجهِ الأول من وجهي سدِّ المنع: لا تأثير للمعرفة


(١) رواه البُخاريّ (٥٣٧٨)، كتاب: الطب، باب: من اكتوى أو كوى غيره، ومسلم (٢٢٠)، كتاب: الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب.
(٢) رواه البُخاريّ (٧٧٣)، كتاب: صفة الصَّلاة، باب: فضل السجود، ومسلم (١٨٢)، كتاب: الإيمان، باب: معرفة طريق الرؤية، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>