للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتقدمة في النداءِ؛ لأنَّهُم إذا (١) لمْ يكونوا فيهم العلامةُ تميزوا عن الأمةِ، فلا ينادون، ولا يبقَى لتقدم المعرفة أثر في النداءِ.

قلنا: إنَّما لا يكون له أثر إذا ثبتت عموم العلامة في كلِّ فرد، بحيثُ يدلُّ انتفاؤها علَى الخروجِ عن الملةِ، فلا يبقَى للمعرفة تأثيرٌ حينئذٍ، وعلَى هذا، فلا يمكن إثبات عدم تأثير المعرفة بعموم العلامة ودلالة انتفائها في الفردِ علَى الخروج عن الملةِ، وإيضاحه: أنَّهُ إذا كانت العلامة مخصوصةً بالمؤمنينِ حقًا؛ أي: ظاهراً وباطناً، لمْ يمتنعْ أنْ يكونَ من لمْ يُوجدْ فيه شرطُهما داخلًا في الأمةِ، فحينئذٍ يكون للمعرفة المتقدمة تأثير في النداء.

فإن قيل: فهذا الذي ذكرته من النداءِ بسبب تقدُّم المعرفة لا يعمُّ جميعَ المنافقين والمرتدين الذين حَدَثوا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا تتعلق بهم المعرفة المتقدمة في دار الدُّنيا، فلزمه (٢) أن تكون فيهم العلامة التي اقتضت النداء.

قلنا: ظاهر "ما أحدثوا بعدك" يقتضي: أنَّ هذا المُحدَث لمْ يكنْ قبله؛ أي: قبل ذلك البعد، ولو كان النفاق والارتداد لمن لمْ يكنْ في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، لكان التعبير بغيرِ "أحدثوا" أقربَ، كما لو قيل: لا تدري فعلهم بعدك، وما (٣) أشبهه، فظهر بهذا أنَّ المرادَ بهذا الأمر


(١) في الأصل: "إذ"، والمثبت من "ت".
(٢) "ت": "فيلزمه".
(٣) "ت": "أو ما" بدل "وما".

<<  <  ج: ص:  >  >>