للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ" ليس [فيه] (١) نفيُ الأخوَّةِ عنهم، وإنما هو إثبات فضيلة لهم زائدة على الأُخوَّة، والسبب فيه - والله أعلم - أن الموضعَ موضعُ تشريفٍ وتكريمٍ وتنويهٍ، ولا يليق بمثله الاقتصارُ على وصفٍ أدنى مع وجود ما هو أعلى منه إذا أمكن الوصف به، وللصحابة - رضي الله عنهم - فضيلةُ الصحبة وهي زائدةٌ على أخوَّة الإسلام، موجودة فيهم، معدومة فيمن بعدهم.

السابعة والأربعون: قوله عقيب: "وَإِخْوَانُنَا الذينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ". قَالَ: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ؟ فيه تقديمٌ عن تأخير؛ لأن ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم - "وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا". قَالُوا: أَوَ لَسْنَا إِخْوانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "أَنْتُم أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الذينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ" لا يقتضي السؤال عن كيفية معرفة من يأتي بعده؛ لأنه ليس فيه إلا وَدادَةُ رؤيتهِم، ولا يقتضي ذلك معرفتَهم حتى يُسألَ عن كيفيتها.

وإنما هذا السؤالُ بعد معرفةِ كونِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَرَطًا، ومعرفة مَنْ يَرِد على الحوض ممن يأتي بعده، فيتوجَّه السؤالُ حينئذ عن كيفية المعرفة التي وقع الإخبارُ بها، كما ورد في حديث آخر بعد ذكر الحوض: "وَتَعْرِفُنَا؟ قَالَ: نَعَمْ" (٢)، فإنه إذا حصل الإخبار بالمعرفة


(١) في الأصل: "فيهم"، والمثبت من "ت".
(٢) رواه مسلم (٢٤٨)، كتاب: الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرة والتحجيل =

<<  <  ج: ص:  >  >>