للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما القائلون بإجزاء الناصية، فمُعتَمَدُهم هذا الحديث، وهو ظاهر فيه، وَيعتَذِر من أوجب الجميع عن الاستدلال به، بحَمْلِهِ على الضرورة الداعية إليه.

والقضية قضية حال لا عموم فيها، ولا تقع إلا على وجه واحد، قال بعضُهم: فيجوز أن يكون عن تحديد أو عذر، وإذا احتمل ذلك لم يكفِ في الاحتجاج مجرَّدُ الفعل دون نقل الوجه الذي عليه وقع، وربما يقال: لو كان هناك عذر لنقل.

فأجاب بعض الأولين عنه بأمرين:

أحدهما: أنه لا يلزم الراوي نقلُ كلِّ أمر يعلمه بما يتعلق (١) بالفعل، كما لا يلزمه نقلُ صفات الآنية التي توضأ فيها، والمجلس الذي كان فيه، والوقت والصلاة التي توضأ لها وغير ذلك. وهذا ضعيف؛ لأن ما ذكره في عدده لا يتعلق به شيء من الحكم الذي يحتاج إليه في حقيقة الطهارة الرافعة للحدث، بخلاف هذا (٢)؛ فإنه يتعلق به الاكتفاء بالبعض ظاهرًا.

قال من حكينا عنه: والثاني: أنَّ الراويَ قد لا يعلم العلَّة، فلا يلزمه نقلُ ما لا يعلمه، وعدمُ علمِه به لا يُخْرِجُه عن الاحتمال.

فيقول له الخصم: واحتماله أيضًا لا يُزِيلُ عدمَ الظهور، ولا الأصلَ، ولا شك أن الأصلَ عدمُ الضرورة.


(١) "ت": "بما لا يتعلق".
(٢) "ت": "بخلافٍ لهذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>