للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من قال بالاكتفاء بأقلَّ ما ينطلق عليه المسح، فالمذكور في تقديره وجهان:

أحدهما: ما يتعلق بالباء، وكونِها للتبعيض وهو شيء غير معروف عند المتقدِّمين من أهل العربية واللغة، وقد حكينا حكاية قول ابن جني، وعن أبي بكر عبد العزيز الفقيه أنه قال: سألت ابن دُرَيدٍ وابنَ عرفةَ وابن دَرَسْتويه عن "الباء" هل تبعَّض؟ فقالوا: لا نعرف ذلك في اللغة.

قال الحافظ الفقيه أبو عمرو ابن الصلاح - رحمه الله - فيما نسب إليه، فنقول: هو لا عاضَد، نكير ابن جِنيِّ على من ينحِّلها التبعيض، وموهنٌ قولَ من قال من أصحابنا في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] إن الباء للتبعيض فيه.

وقاله بعض رؤساء النحويين في عصرنا (١).

والثاني: أن الاسم ينطلق عليه، وانطلاقُ الاسم، وحصولُ المسمى المأمورِ به، يكفي في الخروج عن العهدة، وقد تورَّعوا في هذا، وادُّعي أن إطلاقَ المسح بالرأس لا يُفْهَم منه إلا المسحُ لجميعِهِ دون الاقتصار على بعضه.

ولقائل أن يقول في تقدير هذا: مُجرَّدُ حصولِ المسمى، واللفظ الدال على المطلق يكفي في الاكتفاء والإجزاء، إلا إذا كان الحكم معلقًا بالمسمى، أما إذا كان معلَّقًا بمقيَّد، فإنه يحصل فيه المسمى


(١) جاء على هامش "ت": "بياض نحو أربعة أسطر من الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>