للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: ما قُرن به المسح على الناصية.

والثاني: ما لم يقرنْ به ذلك؛ كالذي روي: أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ والخِمارِ (١)، وهو صحيح، وكالذي روي من أَمرِه - صلى الله عليه وسلم - في المسح على العصائب والتساخين (٢)، وفُسِّرت العصائبُ بالعمائم، وهذا الحديث الذي نحن فيه مما قرِنَ فيه المسح على العمائم بالمسح على الناصية ذكرًا، فإذا استُدِلَّ به على جواز المسح على العمامة، اعتُرِضَ عليه من جهة من يرى عدم وجوب تعميم الرأس بالمسح، بأنّه قد تأدَّى الفرض فلا يبقى دليلًا على جواز المسح على العمامة، حيث لم يتأدَّ الفرض، وهذا يعود إلى ما قلناه في غير هذا الموضع من الفرق بين الجمع في الخبر، والخبر عن الجمع، وهذا الاعتراض يتَّجه إذا كان إخبارًا عن الجمع، وهو الظاهر من الحديث، وأقلُّ درجات هذا أن يكون جائزًا، أعني: كونه إخبارًا عن الجمع، الدليل المجيزُ المسحَ على العمامة مطلقاً إذا كان جمعاً في الخبر، وهو ممنوع، فلا يتَّجه الاستدلال بهذا الحديث على مَنْ يرى عدم وجوب التعميم.

وأما من يرى وجوب التعميم فطريقُهم فيه احتمالُ حملِهِ على


(١) رواه مسلم (٢٧٥)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على الناصية والعمامة، من حديث بلال - رضي الله عنه -.
(٢) رواه أبو داود (١٤٦)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على العمامة، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٧٧)، وغيرهما من حديث ثوبان - رضي الله عنه -، وإسناده ضعيف؛ لانقطاعه، كما ذكر الحافظ في "الدراية" (١/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>