للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمالكية - رحمهم الله - قد فرقوا بين كونهما من الرأس، وبين كونهما يُمسحان بماء الرأس، فقالوا: بالأول، ونَفَوا الثاني، فقالوا: إنهما من الرأس، ويُجَدَّدُ الماءُ لهما (١)، فإثبات كونهما من الرأس للحديث، وإخراج تجديد الماء لهما عن حكم كونهما من الرأس بالدليل الذي دلَّهم على التجديد، وسيأتي عن قريب (٢) إن شاء الله تعالى.

* * *

* الوجه الرابع: في الفوائد والمباحث، وفيه مسائل:

الأولى: أبو حنيفة - رضي الله عنه - يرى مسحهما بماء الرأس على مقتضى هذا الحديث، وله اعتضادٌ بأحاديث أُخَر، منها ما يُصرح بالاجتماع، ومنها ما يظهر منه ذلك، فمن المصرِّح ما ذكره الحافظ أبو عبد الله محمَّد بن إسحاق بن مَنده في كتابه في حديث ابن عباس فيه: "غَرفَةً فَمَسَحَ بِها رَأَسَهُ وأُذُنَيْهِ" (٣)، ومن المحتمل حديث الرُّبيع بنت معوِّذ قالت: رَأَيْتُ رَسُولَ الله يتَوَضَّأُ، قالَتْ: فَمَسَحَ رَأْسَه ومَسَحَ ما أَقْبَلَ مِنْه وَما أَدبَرَ، وصُدغَيْهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً واحِدَةً (٤).


(١) انظر: "الذخيرة" للقرافي (١/ ٢٦٥).
(٢) في الأصل: "قرب"، والمثبت من "ت".
(٣) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦٤)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٥٥).
(٤) رواه أبو داود (١٢٩)، كتاب: الطهارة، باب: صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، =

<<  <  ج: ص:  >  >>