للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم به، ونحوه: ما تزورني إلا أكرمتُك، يريد: متى زرتني أكرمتك، ومثله في تأويل الكلام بالشرط لما فيه من معنى السببية قولُه تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} [البقرة: ٢٧٤] معناه: من ينفق أمواله فله أجره، وكذلك دخلت (الفاء) في خبر المبتدأ، وكذلك قوله تعالى: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: ١٢] معناه على بعض الأقوال: إن كشفت [عنا] (١) العذاب آمنا إيمانًا نافعًا لنا، ويؤكد لك ما ذكرت أن الشرط اللفظيَّ يقع قبل (إلا) هذه المذكورة، ونحو: إذا بررت أباك فأنت طائع له إلا غفر لك، معنى الكلام: إذا بررت أباك طائعًا له، فيقع غفر لك جوابًا للشرط، وطائعًا حالًا منه، إلا أنك لمَّا قصدتَ أن تجعل الطاعة سببًا لحصول المغفرة جعلتها في اللفظ جوابًا للشرط، وأخرجتها عن حكم الفَضْلَة إلى حكم العُمْدة، فوقع لفظ (غفر لك) فضلة لاستيفاء الشرطِ جوابَه، فخرج عن حكم العمدة إلى حكم الفضلة ووقع بعد (إلا)، كما تقول العرب: الأسد مخوف، ثم إذا أردت الإشارة إليه تقريبًا لمكانه [لتأكيد التخويف منه، يعني قلت: هذا الأسد مخوفًا، وحوَّلت ما كان عمدة إلى] (٢) أن جعلته فضلة، ومثله: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هود: ٧٢]، {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} [النمل: ٥٢] وإنما عدل عن صريح الشرط إلى


(١) سقط من "ت".
(٢) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>