للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاك يبقى الخبر أيضًا لا فائدةَ له، وتكون قد فصلتَ بين الشرط والجواب، الذي مجموعُهما وقع صفة لقوله: "إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه"، فيكون ذلك فصلًا بين أجزاء الصفة، وهذا كله لا يجوز.

ويلزم أيضًا على كلا التقديرين: العطف على عاملين؛ لأنَّ (ثم) عطفت "إِذَا غَسَلَ وَجْهَه"، أي: على "يقرب فيمضمض" فهو في موضع جرٍّ على اللفظ، أو رفع على الموضع؛ لأن قوله: "من أحد" مبتدأ، و (من) زائدة، وعطفت أيضًا "إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه" على "إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا فِيْهِ"، فهو في موضع رفعٍ؛ لأنه معطوف على الخبر، وهذا لا يجوز إلا على مذهب من أجاز العطفَ على عاملين، وهو الأخفشُ.

وعلى التقدير المذكور الذي خُرِّج عليه الحديث، لا تكون من هذا الباب، لأنه ليس إلا معطوفٌ واحد، وهو: "إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه" على معطوف عليه واحد، وهو: "إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا فِيْهِ"، هذا معنى ما قيل.

واعلم: أن هذا الوجهَ، وما قيل في إبطال العطف على "يُقَرِّبُ فَيُمَضْمِضُ" من أركان صحته، وإبطال ذلك التقدير، أنه يلزم أن لا تكونَ في الخبر فائدةٌ، وهذا اللازمُ لازمٌ عن وجوب تقدير الجواب: فخرجت خطاياه، وفي تغيّر هذا التقدير للجواب منع، فليُبْحَث عليه، ولينظر إلى ما حكيناه عن كلام الأخفش في:

(إذا بررت أباك فأنت طائع له إلا غفر لك).

<<  <  ج: ص:  >  >>