للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن يقرِّب، ويُمَضْمِضُ وَيستنْشِقُ وَينتَثر، فعلى هذا: لم يبق في الوجه خطايا، فلا يكون غسله مُخْرِجاً لخطاياه.

والطريق الثاني: أن يقرِّب وَضوءه، ثم يغسل وجهَه، ويترك المضمضةَ والاستنشاقَ، فحينئذ تخرجُ خطايا الوجه بغسله.

ونظيرُ العطفِ على الفعل الأول، ما قيل في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ} [آل عمران: ١٤]، إنه لا يعطف الخيل على الذهب والفضة، بل على القناطير، أو غيرها مما مضى، وكما قيل في قوله تعالى: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ} [الإسراء: ٩١ - ٩٢] إن تسقط لا يجوز أن يكون معطوفًا على تفجر التي (١) تليه هو، بل على الفعل السابق، وهو أو تكون.

فإن قلت: الفرق بين البابين واضحٌ، لأن الضرورةَ دعت إلى العطف على الأول في الآيتين الكريمتين؛ لأنه تعذَّر العطف على الأقرب، لأن الخيلَ ليس من القناطير المقنطرة، والإسقاط ليس من الجنة من نخيل وعنب، بخلاف ما نحن فيه.

قلت: أمَّا أن يمكنَك تخريجُ الحديث المذكور على الوجه الثاني، وهو العطف على المضمضمة أولى، فإن أمكن فالسؤال ساقط، وإن لم يمكن فقد تعذَّر الحمل على الثاني، فيحمل على


(١) "ت": "الذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>