للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتبارها في حصول الثواب المذكور، وإن صحَّ، فالظاهر من هذا الحديث: أن لا يُعتبر أَيضًا في انتفاء هذا الثواب، ويحصل الثواب مع ارتكابها على ما يقتضيه اللفظ، ولا يخدش في هذا إلَّا أن تكون المفسدةُ في ارتكابها زائدةً على المصلحة في فعل المستحبات المذكورة، لكن هذا لا سبيل لنا إلى معرفة العلم به، فيجري على الظاهر، نعم، هي منافية للثواب المرتَّب على إحسان الوضوء، وليس هو مذكور في هذا الحديث، والله أعلم.

الثلاثون بعد المئة: الشافعيون يوجبون إيصالَ الماء إلى ما تحت بعض الشعور الكثيفة النابتة على الوجه، وهي: الحاجبان، والشاربان والعنفقة والعذاران، إما لأجل نُدْرَة كثافتها، أو لأن بياض الوجه محيطٌ بها (١)، وليس بذلك القوي على كون هذا الموضع من مواضع عدم اعتبارها؛ لأنه لو اعتبرت الكثافة النادرة لم يجب غَسلُ ما تحتها.

وأما إحاطة الوجه فهو من قبيل إعطاء الشيء حكم ما جاورهُ أو قاربه، فإن لم يكن الدليل اللفظي الدالُّ على الوجوب موجودًا، فهذا من قبيل الاستحسان، واعتبار المناسبة المرسلة.

وغيرهم يطلقون القول باستحباب تخليل الشعور الكثيفة في الوضوء، فيمكن ذلك الغير أن يستدلَّ على عدم الوجوب بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ" فإنَّه يقتضي العموم في كلّ أحدٍ، ومن جملة الآخذين من كثفت هذه الشعور على وجهه. فيقتضي ترتُّب الثواب


(١) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (١/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>