للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حذف التاء، إذا لم يُفصَلْ بينهما، فإن فصلوا بينهما أجازوا حذفَهَا، ولا فرقَ بينهما إلَّا المجاورةُ وعدمُ المجاورة، ومن ذلك قولهم: قام زيدٌ، وعمرًا كلمته، استحسنوا النصبَ بفعل محذوف لمجاورة الجملة اسمًا قد عَمِلَ فيه الفعل، ومن ذلك قلبُهُم الواوَ المجاورةَ للطرف همزةً في قولهم: أوائل، كما لو وقعت طرفًا، وكذلك إذا بَعُدَت عن الطرف، ولا تقلبُ نحوُ طواويس.

وهذا موضعٌ محتمل أن يُكتبَ فيه أوراقٌ من الشواهد، قد جعل النحويون له بابًا، ورتبوا عليه مسائلَ، وأصَّلوه بقولهم: جحرُ ضبٍّ خربٍ، حتَّى اختلفوا في جواز جرّ التثنية والجمع؛ فأجاز الإتباعَ فيهما جماعةٌ من حُذَّاقِهم قياسًا على المفرد المسموع، ولو كان [لا] (١) وجهَ له في القياس بحال، لاقتصروا فيه على المسموعِ فقط (٢).

قلت: أخذ أبو البقاء الأعمَّ، وهو الإتباعُ، وجلب فيه الشواهدَ، ولم يعرض الأخصَّ، الذي هو الخفض بالجوار.

وأجاب الفقيهُ أبو الفتح عما تقدَّم ذكرُهُ عن ابن المعلِّم: أنَّه إنما يُنكَرُ استعمالُ المجاورة في كتاب الله تعالى إذا لم يكنْ هناك ما يُبيِّنُ المقصودَ، فإذا وُجِدَ ذلك فليس بمنكر؛ كسائر أنواع المجاز، وقد وُجِدَ في الآية ما يبين المقصود، وهو ما تقدم ذكره، قال: فسقط هذا الاعتراضُ.


(١) زيادة من "ت".
(٢) انظر: "إعراب القرآن" لأبي البقاء العكبري (١/ ٤٢٢ - ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>