للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حائل، وهو حرف الفاء، وهو في محلِّ الرفع معطوفًا على قوله: راكب.

الثالث من الاعتراض على الخفض بالجوار: قال الشريفُ: الإعرابُ بالجوار إنما يُستحسنُ بحيث ترتفعُ الشُّبهةُ في المعنى، ألا ترى أنَّ الشُّبهةَ زائلة في كون (خربٍ) من صفات الضب، والمعرفةُ حاصلة بأنَّهُ من صفات الجحر، وكذلك قوله: مُزَمَّلِ، معلومٌ أنه من صفات الكبير، لا البجاد، وليس هكذا الآية الكريمة؛ لأن الأرجلَ يصحُّ أن يكونَ فرضُهُما المسحَ، كما يصحُّ أن يكونَ الغسلَ، والشكُّ في ذلك واقعٌ غيرُ ممتنع، فلا يجوزُ إعمالُ المجاورة فيها؛ لحصول اللَّبسِ والشُّبهة، ولخروجه عن باب ما عُهِدَ استعمالُ القوم المجازَ فيه.

أجاب الفقيه أبو الفتح بأنَّ في الآية غيرَ وجهٍ من البيان يزيلُ اللَّبسَ والشُّبهة، في أن يكون جرُّ الأرجل للمجاورة مع أن الفرضَ الغسلُ، وللبيان مراتبُ في الجَلاَء والخَفَاء، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْراً" (١)؛ فمن ذلك: أنه لما أمر بغسل الأيدي مع بُعدها من الوسخ، كانت الأرجلُ مع قربها أولى بذلك، روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: اغسلوا أقدامَكُم؛ فإنها أقربُ أجسادِكُم إلى الأقذار، وذكرَ عن محمد بن يوسف الفِرْيابي الإسنادَ إلى علي - رضي الله عنه - ووصلَ إسنادَهُ


(١) رواه البخاري (٤٨٥١)، كتاب: النكاح، باب: الخطبة، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>