للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإضمار قبل الذكر إذا أعملت الثاني، واحتاج الأول إلى فاعل، أو مفعول لم يُسَمَّ فاعله، فلو لم تكن إحدى الجملتين مرتبطة بالأخرى، للزم الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي، وهو غير جائز، وجعل مفسر ما أضمر قبل الذكر في كلام منقطع من الكلام، الذي الضمير منه، وهذا الإضمار إنما جاء فيما الجملتان فيه كالجملة الواحدة.

قال: ولهذا الذي ذكرته منع سيبويه، والله أعلم، أن يكون البيت من الإعمال، لا لما ذكره أبو إسحاق؛ بدليل قوله: ولو لم يرد ذلك، ونصب، فسد المعنى، فجعل نصف القليل مفسداً للمعنى، ولو أراد ما قاله أبو إسحاق، لم يعلل امتناع نصبه بفساد المعنى، بل كان ينبغي له أن يعلل امتناع نصبه بكونه قد قال أولًا: فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة، ومعناه: فلو أن سعيي لأدنى عيش، والسعي هو الطلب، فينبغي أن يكون معمول (أطلب) (أدنى عيش) حتى يكون قد نفى ما فرض أولًا، وإذا جعل معمولَه القليل، لم يكن نافيًا ما فرض، وهو السعي لأدنى معيشة، بل ما يلزم عنه أدنى العيش، وهو السعي القليل (١) (٢).

قلت: وقد أطلنا الكلام على هذا البيت لشهرته، وشهرة تعليل المنع بما تقدّم، فجرَّ ذلك إلى اجتلاب اعتراضٍ على المشهور من وجه الامتناع، وهو كلامُ أبي إسحاق ابن ملكون، فاغتفرنا الإطالة،


(١) "ت": "للقليل".
(٢) انظر: "شرح الجمل" لابن عصفور (١/ ٦٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>