للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمُ الغُسْل للجنابة، إذ هو بدلٌ منه، فأبطلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وأعلمه أنّ لكلِّ شيء حُكْمَ المنصوص عليه فقط (١). والاعتراضُ عليه من وجوه:

أحدها: لا نسلِّم أنه أبطله، فإن الحكمَ المتجدِّدَ في الحال، لا يلزم منه بطلانُ الفعلِ الماضي، ولا الحكم، فإن القياس لا يكونُ أعلى من النص، ولو ورد نصٌّ بحكم، وورد بعده خلافُه، لم يدلَّ على بطلانِ الماضي، وعدمِ اعتبارِه في وقته، إنَّما الذي يدل على بطلانِ الماضي اللفظُ الدالُّ على عدمِ اعتباره بوجهٍ ما، وهذا ظاهرٌ في الرواية التي لفظها: "إنما يكفيك".

الثاني: [سلّمنا] (٢) أنه أبطلَ القياسَ، لكنه أبطلَ كلَّ ما قاسه عمار، أو بعضَ ما قاسه؟ الأولُ ممنوع، وظاهرٌ أنه ليس كذلك؛ لأن لِعمارٍ قياسين:

أحدهما: قياسُ تيمُّمِ الجُنُبِ على تيممِ المُحْدِثِ في أصل التيممِ.

والثاني: قياسُ البدلِ على الأصلِ في تعميمِ البدنِ، وهذا الثاني هو الذي وقعَ إبطالُه، أما الأول فلا.

وإنَّما قلنا: إن له قياسين، أما الثاني: فظاهر، وأما الأول: وهو قياس أصل التيمم للجنابة على أصله عن الحدث، فإن عماراً - رضي الله عنه -


(١) انظر: "المحلى" لابن حزم (٢/ ١٥٥).
(٢) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>