للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحر، كالشافعي - رضي الله عنه -، فإنه يحرِّم الضَّفدِعَ والسرطانَ والسُّلْحفاةَ على ظاهر مذهبه (١)، فلم يجرِ على العموم، واحتاج إلى دليل التخصيص.

وحُكِيَ أنه حضر مجلساً فذكِر فيه مذهبُ أبنِ أبي ليلى أنه أباح الضفدع والسرطان، فأخذ الشافعيُّ ينصره (٢)، فذكر صاحبُ "التقريب" (٣): أن من الأصحاب من عدَّ ذلك قولاً للشافعيّ، والمذهبُ المعروف خلافُهُ.

والعمومُ يدلُّ على حِلّها، والشافعيُّ - رحمه الله تعالى - وأصحابُهُ


(١) انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (٩/ ٣٠).
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٧/ ١٤٦)، و"الحاوي" للماوردي (١٥/ ٦٥).
(٣) هو الإمام أبو الحسن القاسم بن الإمام أبي بكر محمد بن علي القفال الشاشي، وكتابه "التقريب" كتاب عزيز، عظيم الفوائد، - من شروح "مختصر المزني"، وقد يتوهم من لا اطلاع له على أن المراد بالتقريب "تقريب" الإمام أبي الفتح سليم بن أيوب، صاحب الشيخ أبي حامد الأسفراييني، وذلك غلط، بل الصواب ما ذكرنا.
وقد قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في رسالته إلى أبي محمد الجويني رحمه الله: نظرت في كتاب "التقريب"، وكتاب "جمع الجوامع"، و"عيون المسائل"، وغيرها، فلم أر أحدًا منهم فيما حكاه أوثق من صاحب "التقريب" رحمنا الله وإياه، وهو في النصف الأول من كتابه، أكثر حكاية لألفاظ الشافعي منه في النصف الأخير، وقد غفل في النصفين جميعاً من اجتماع الكتب له أو أكثرها، وذهاب بعضها في عصرنا عن حكاية ألفاظ لابد من معرفتها؛ لئلا يجترئ على تخطئة المزني رحمه الله في بعض ما يخطئه فيه وهو منه بريء، وليتخلص به عن كئير من تخريجات أصحابنا، ثم ذكر البيهقي شواهد لما ذكره. وأثنى إمام الحرمين في مواضع من "النهاية" على صاحب "التقريب" ثناء حسناً. انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٢/ ٥٥٣ - ٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>