للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّفريق، وهذه الأقوال مذكورة في كتب الشَّافعية (١).

الخامسة: الذي يتحقَّق من الحديث: أن هذا الفصلَ ضارٌّ، والأمر بإعادة الصَّلاة يقتضي أن يكونَ قد وقعَ الفصل بمقدار الصَّلاة، ولا يلزم من ذلك إلَّا (٢) ما كان دونَه غيرَ ضار؛ لأنَّه إذا كان الزمنُ الأطولُ ضاراً، لم ينافِهِ كونُ الأّقصرِ ضاراً؛ لدخول الأقصرِ في الأطول، فلا يتبيَّن من هذا المقدار الحدُّ في الكثرة المبطِلة.

نعم، قد يكون ذلك دليلاً على اعتبارِ العادة، إذا لم تكن مدةُ الصلاةِ زائدةً على العادة، فإن كانت زائدة، فهو دليل على من يقول باعتبار العادة، لكنَّ الأصلَ عدمُ زيادتها.

والرجوعُ إلى العادة هو أقوى هذه الأقوال التي حكيناها؛ لأنَّه إذا ثبت أنَّ التَّفريق الكثير يضرُّ شرعاً، ولم يَرِدْ حدٌّ فيه، فالقاعدة: أنْ يُرْجَعَ فيه إلى العُرْف، وله نظائر، كما في الحِرْزِ والقَبْضِ.

السادسة: وأمَّا القول بالجفافِ، فكأنه راجع إلى الاستحسان، وهو أن يقيمَ بقاءُ أثرِ الشيء مقامَ بقائه في نفسِه، فإنَّ الفعل قد انقطعَ، ولكنَّ البللَ الذي هو أثرُه باقٍ، فيقامُ مقامَ وجودِه، وهو ضعيفٌ، إلَّا أن يُدَّعى أن العادةَ تحكم بأنَّ مثلَ هذا التفريقِ كثير، فحينئذٍ المرجوعُ إليه هو العادةُ لا الجفافُ.


(١) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (١/ ٤٤٠)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله.
(٢) "ت": "أن".

<<  <  ج: ص:  >  >>