للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يُدَّعى: أنَّ في الحديث ما يدل على عدمِ اعتبارِ هذا؛ لأنَّ التفرقةَ بينَ ما لم يُصِبْه الماء، وبين ما أصابه، قد تُشْعِر ببقاء البلل، وقد يكون الشعورُ به من جهة الوضاءةِ الحاصلة بالغسل لما غسل.

وقد يُستدل من الحديث أيضًا على إبطالِ هذا القول؛ بأنَّ الأمر بإعادة الصَّلاة يدل على أنَّه وُجِدت الصَّلاة، ووجود الصَّلاة مع الحركة في القيامِ والقعود، وملابسةِ الثياب، يقتضي الجفافَ ظاهراً بالأفعال والملامسة، والقائلون بهذا القول يعتبرون زمنَ الجفاف، والمعتاد دون النادرِ والطارئِ، كما دلَّ ما حكيناه [عنهم] (١)، فلو كان وجوبُ الإعادة متوقِّفاً على الزمن المذكور، لتوقَّف الأمرُ به على وجود ذلك الزمن، ثم لَزِمَ من ذلك بيانُ تعلق الحكم به؛ لأنَّ صورةَ الجفاف لم تكنْ دالةً حينئذ على ما يتعلَّقُ به الحكم، فيقعُ الاشتباهُ عند عدم البيان بما يتعلَّقُ به الحكم.

السابعة: وأمَّا القولُ باعتبار الزمن بمقدار ما يُمكن [فيه] (٢) إتمامُ الطهارة، فلا يدل الحديثُ على بطلانه؛ لأنَّه إذا كان ما ذكره ضاراً، فما وقع من التَّفريق بالصلاة أولى، لكنْ يُحتاج إلى دليل على إثباته، أي: إثباتِ اعتبارِ ذلك الحدِّ الذي ذكره.

الثامنة: قالوا - من جهة الشَّافعية -: إنَّ اعتبارَ مدةِ التَّفريق من آخر الفعل المأتي به من أفعال الوضوء، حتَّى لو غسلَ وجهه ويديه،


(١) زيادة من "ت".
(٢) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>