للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إن كان إخباراً عن أمر شرعيٍّ، بناءً على أمر وجودي، كأنه قيل: لا يحصل في الوجود مسمَّى الغُسْل بدون هذا: فلا يجزئ ما دون هذا، فهذا يعودُ إلى ظاهر كلام محمد بن الحسن الذي قدَّمناه، فإنَّه يقتضي الإخبارَ عن الأمر الوجودي بقوله (١): لا يمكن المغتسلَ أن يَعُمَّ جسدَه بأقلَّ من صاعٍ، ولا المتوضئَ أن يسبغَ أعضاءَ وضوئه بأقل من مُدٍّ.

وإن كان إخباراً عن أمرٍ شرعي، بمعنى: أن الدليل الشرعيَّ يقتضي عدمَ الاكتفاء بما دون ذلك، فهل يحتاج إلى دليل شرعي، يعلى حكم الإجزاء بهذا المقدار، وعدم الاكتفاء بما دونه؟

الرابعة: يمكنُ أن يستدل لمذهب ابن شعبان، بناء على القول: بأنَّ الفعل للوجوب، مع ضميمة دليلِ التأسِّي إلى الفعل، فإن ذاك يقتضي وجوبَ هذا المقدار، وفيه بحثٌ؛ فإنا إذا جعلنا الحكم مُداراً على مسمى الغُسْل، وأمكن حصولُه بما دون هذا المقدار، فلا يتنافى وصفُ هذا المقدار بالوجوب، مع جوازِ الاقتصار على ما دونه بناءً على [أن] (٢) ما جاز الاقتصارُ عليه في الواجب بالنسبة إلى الشيء الواحد إذا مُدَّ، هل تتصف الجملة بالوجوب، كما في مَدِّ الركوع أكثرَ من الطمأنينةِ الواجبةٍ، [و] (٣) كما في مَدِّ مَسْحِ الرأسِ إذا لم يقدر أقله،


(١) "ت": "لقوله".
(٢) زيادة من "ت".
(٣) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>