للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعاقل أن يخطرَ بقلبه، ولا يجري على جوارحه، إلَّا ما يَجلبُ صلاحاً، أو يَدرأ فسادًا، فإن سَنَحَ له غيرُ ذلك، فليدرأه ما استطاع (١).

الثالثة عشرة: هذا الذي ذكرناه، إنَّما هو باعتبار الأعَمِّ والأغلب، وقد يقعُ في بعض الأحيان ما يُوجِب أن يكونَ المصلحةُ في الخروجِ عن بعض ما ذكرناه، كما في التوسُّط في رفع الصوت، فإنَّه ممدوح "اربَعوا على أنفسكم، إنَّكم لا تَدْعُون أَصَمَّ، ولا غَائباً" (٢).

ثم دعت الحاجة في الوَعْظِ إلى رَفْع الصوت: كان النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا خَطَبَ احمرَّتْ عيناه، وعلا صوتُه، واشتدَّ غضبُه (٣)؛ لأنَّ المقصود من الخطبة يقتضي هذه الهيئةَ، لأجلِ إحداثِ التأثُّر في أنفسِ المستمعين، ووجود ما يتأثرون به من الهيئة المذكورةِ، إلى غير ذلك ممَّا تقتضيه الحالاتُ المخصوصة في بعض الأحيان.

الرابعة عشرة: ها هنا أمور مقسَّمةٌ في الشرع إلى محمودٍ ومذمومِ، فلا ينبغي في كثيرٍ منها أن يدخلَ تحت هذا الباب، ولا يندرجُ تحت هذا


(١) انظر: "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (٢/ ١٧٩).
(٢) رواه البُخاريّ (٢٨٣٠)، كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يكره من رفع الصوت في التكبير، ومسلم (٢٧٠٤)، كتاب: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(٣) رواه مسلم (٨٦٧)، كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصَّلاة والخطبة، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>