للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجأَ إلى أن يجيبَ بأنَّ هذه (١) الكلمة، وإن كانت لا تفيد الإثباتَ بالوضعِ اللغويِّ، لكنَّها تفيدُ بالوضعِ الشرعيِّ.

وبوجه آخرَ حاصلُه: أنَّ المقصودَ من هذا الكلام نفيُ الشريكِ، وأما إثباتُ الإلهيةِ لله تعالى فمتَّفَق عليه على ما عُرِفَ، كأنَّه يشير إلى قوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥]، ولِمَا جُبِلَتِ الفِطَرُ عليه.

وهذا عندي كلُّه تشغيب، ومراوغات جدليَّةٌ، والشرعُ خاطَبَ الناس بهذه الكلمةِ، وأمرَهم بها؛ لإثباتِ مقصودِ التوحيدِ، وحَصَلَ الفهمُ لذلك منهم، والقبولُ له، منهم - صلى الله عليه وسلم -، من غير زيادةٍ ولا احتياجٍ إلى أمر آخر، ولو كان وضعُ اللفظِ لا يقتضي التوحيدَ، لكان أهمَّ المهمات تعليمُ اللفظِ الذي يقتضيه؛ لأنَّه المقصودُ الأعظم. والاكتفاءُ الذي ذكرناه عندنا في محلِّ القطع بالظَّنِّ، لكنْ هل هو لمدلول اللفظ، أو لقرائن (٢) احتفَّت به لا تبلغ إلى القطع؟ (٣)

نعم، ادعاءُ الاحتياج إلى أمر آَخرَ في تحصيل مقصودِ التوحيدِ لا يصِحّ، وأما المُثُلُ الذي ذكروها، فيُقابَلون فيها بالمثل، فإذا قالوا: هذه المواضع لا تُدلُّ فيها على الإثباتِ، والمواضع التي تدل عليه،


(١) في الأصل: "بهذه"، والمثبت من "ت".
(٢) "ت": "القرائن".
(٣) من أول المسألة إلى هنا: نقله الزركشي في "البحر المحيط" (٤/ ٤٠٤) باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>