للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا (١) ضعفُ هذه المرتبةِ (٢) في الإلحاق عن جميع ما قبلَها.

العاشرة: قولهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يغتسلُ أحدُكُمْ فِى الماءِ الدائِمِ وهوَ جُنُبٌ" يظهر منه أن المرادَ: لا يغتسلُ - وهو جنب - من الجنابة، هذا هو السابق إلى الفهم، وعليه يدلُّ الحديثُ الآخرُ: "ولا يغتسلُ فيهِ منَ الجنابةِ" (٣)، إلا أنَّ هذا اللفظَ لا يدلُّ عليه بنصه وصريحه، إذْ يُمكنُ أن يغتسلَ، وهو جنبٌ، لا عن الجنابة، ولهذا زعم الظاهريُّ في مَن كان جنباً ونوى بانغماسه في الماء الراكد غسلاً من الحيض أو الجمعة، أو الغسل من غسل الميت: لم يُجْزِئْ عن الجنابة، ولا عن شيء من هذه الأغسال (٤)، وسببُ هذا أنه قد اغتسلَ في الماء الدائم وهو جنب، [و] (٥) قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يغتسلُ أحدُكُمْ فِى الماءِ الدائِمِ، وهوَ جُنُبٌ".

الحادية عشرة: هذا الذي ذكرنا أنه السابق إلى الفهم ينبغي أن يُبْحَثَ عن سببه مع كون اللفظ لا يدلُّ عليه، ولعل سببَه: أنه لما تقرر أنَّ الأصلَ في الماء الطهوريةُ، فالنهيُ عنه إنما يكون لمانع، ثم تقرر في النفوس مناسبةُ الجنابة لمعنى الإبعاد، لترتيب المنع من عبادات عليها، ولمَا جاء أنه: "لا تدخلُ الملائكةُ بيتًا فيهِ


(١) "ت": "هذا".
(٢) "ت": "الرتبة".
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "المحلى" لابن حزم (٢/ ٤٠).
(٥) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>