للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كون هذا القولِ مطابقاً لما في نفس الأمر نظرٌ، قال ابنُ يَعيشَ شارحُ "المفصل" لما تكلَّم على المَثَل (مَا كُلُّ سَودَاءَ تَمْرَةٌ، ولا [كُلُّ] (١) بَيضاءَ شَحْمةٌ) قال: وكان أبو الحسين (٢) الأخفش - رحمه الله تعالى - وجماعةٌ من البصريين يحمِلون ذلك وما كانَ مثلَهُ على العطفِ على عاملين، وهو رأيُ الكوفيين، رحمهم الله تعالى (٣).

فقد (٤) حُكيَ هذا المذهبُ عن الكوفيين وجماعةٍ من البصريين.

ووجهُ تعلُّقِ الحديث بهذه المسألة: أنه إذا جُرَّ قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "والآخر"، ونصب قولُه: "شفاء"، فقد عطف (الآخر) على (أحد)، وعطف (شفاء) على (داء)، والعامل في (أحد) حرف الجر الذي هو (في)، والعامل في (داء) (إن)، فقد شُرِّكت الواو في العطف على العاملين اللذين هما (في) و (إن)، وذلك ما يقولُه الأخفشُ ومن معه، وحاصله: عطف شيئين على شيئين، والعامل فيهما شيئان مختلفان، وسيبويه لا يجيز ذلك، وقد استدلَّ الأخفشُ بأشياءَ منها المَثَلُ المذكور، فاحتاج ناصرو مذهبِ سيبويه إلى تخريجها وتأويلها، فقالوا في المثل: إنه على حذف المضاف وإبقاءِ عمله، والتقدير: ما كل سوداء تمرة، ولا كل بيضاء شحمة، فحذفَ (كلَّ) بعد حرف العطف


(١) سقط من "ت".
(٢) في الأصل: "الحسن"، والصواب ما أثبت كما في "ت".
(٣) انظر: "شرح المفصل" لابن يعيش (٣/ ٢٧٠).
(٤) "ت": "وقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>