للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ في توجيه هذا المعنى وجهان:

أحدهما: قالَ أبو عليِّ فيما ذكره عنه ابن سِيْدَه: معناه: دعا له أن لا يكون في حالٍ يُشْمَتُ به فيها (١).

وثانيهِما: أنَّك إذا قلتَ: يرحمُك الله، فقد أدخلتَ على الشَّيطان ما يُسخِطُه، فيُسَرُّ العاطسُ بذلك.

ومنها: أنّه مأخوذٌ منَ التَّشميت الذي هو اجتماع الإبل في المرعى، قال صاحب "الجامع": والتشميتُ: اجتماعُ الإبل في المرعى، قيل (٢): [و] (٣) منه شَمَّتَ العاطسَ، إذا قلتَ له: يرحمُك الله، فيكون معنى شمتُّه: سألتُ اللهَ - عز وجل - أن يجمَعَ شملَه وأمرَه.

ومنها: ما ذَكَرَهُ القاضي أبو بكر بن العربي فيما وجدْتُه عنه قال: فإن كان بالشِّين المعجمة فهو مأخوذٌ من الشَّوامت، وهي القوائم، وإن كان بالسِّين المهملة فهو مأخوذ من السَّمْت، وهو قصدُ الشّيء وناحيتُه، كأنَّ العُطاسَ يَحُلُّ معاقِدَ البَدَنِ، ويَفْصِلُ معاقدَه، فيدعو له بأنْ يردَّ اللهُ شوامتَه على حالها، وسَمْتَهُ على صِفَتِهِ (٤).

وهذا يقتضي أنَّ الشَّوامتَ تنطلَقُ على قوائمِ الإنسان؛ لأنَّ العاطسَ المُشَمَّتَ إنسانٌ لا غيرُ، وقد قال ابنُ سِيْدَه: الشَّوامتُ: قوائم


(١) انظر: "المحكم" لابن سيده (٨/ ٣٤).
(٢) "ت": "وقيل".
(٣) سقط من "ت".
(٤) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (١٠/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>