للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدرته على ترك ذلك. ثم ذكر كلامًا يقتضي أصلًا لهذا، وأنَّه يتخرَّجُ وجهانِ على ذلك الأصل (١).

والحديثُ الَّذي أوردناه يقتضي المنعَ من الاتباع مع وجود الرانَّة، وغيرُه يكون بالقياس عليه، وهو قياسٌ قويّ.

الخمسون: الاتِّباعُ المعنوي، وهذا (٢) التقييد بالجنازة، له مراتبٌ، ومن أبعدِها انتظارُها في المصلَّى قبل أَنْ يؤتَى بها، فإذا أُتي بها صَلَّى عليها، وفي انطلاق الاتباعِ عليه بُعدٌ.

ودونَ هذا في البُعد أنْ يبعُدَ عنها في المَمْشَى، وإن كان قد خرج معها، والذي ذكرناه عن القاضي الحسين فيما تقدم، فيه إلمامٌ بهذا الَّذي قلناه، لكنَّه لا يُغني عنه، يُعرف ذلك بالتأمُّل لمدلول لفظه.

الحادية والخمسون: من ضرورة تحقُّقِ الاتباعِ وجودُ مُتَّبَع، فإذا لم يوجدْ سقطَ الأمرُ بالاتباعِ، فلو أنّ ميتًا غُسِلَ في مكانه ودُفِنَ فيه، سقط الأمرُ باتّباعه، إذ لا متَّبَعَ وجوبًا كان أو استحبابًا، إن حُمِلَ الاتباعُ على الحسيّ لا على المعنوي، وهل يحصُلُ به الثوابُ الموعودُ به على الاتباع؟

فيه احتمال؛ فيحتملُ أن يقالَ به نظرًا إلى المعنى، واطِّراحِ الظاهرِ إذا لم يتعلَّقْ به مقصودٌ، ويحتمل أن لا يحصلَ الثوابُ


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ١٧٦).
(٢) في الأصل: "وهو"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>