للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو دليلٌ ظاهرٌ إذا كان المشمّتون عالِمين بأنه لا يُشَمَّتُ حتى يحمَدَ اللهَ تعالى، وكذا إذا لم يظنَّ بخصوصهم العلمَ بذلك، إذا كان الحكمُ شائعًا.

أمّا إذا كانوا من أهلِ الجهل الذين يُظَنُّ بهم عدمُ العلم بذلك، فالدَّلالةُ ليست بالقويَّة، فيحتمل أن يكونَ مالكُ - رحمه الله - اعتبرَ الأعمَّ الأغلبَ، ويمكن أن لا يكونَ حكمُهُ فيمن هو من أهل الجهل.

الثامنة والخمسون: الحكمُ عامٌّ بالنسبة إلى المسلم والذمي، وقد روى سفيان، عن حكيم بن الدَّيْلَم، عن أبي بُرْدَةَ، عن أبيه قال: كانت اليهودُ تَعاطَسُ عند النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رجاءَ أن يقولَ لها: يرحمُكِ الله، فكان يقول: "يهديكُمُ اللهُ، ويُصْلِحُ بالَكَم". رواه أبو داود، عن عثمان بن أبي شيبة، عن وكِيعْ، عن سفيان (١).

وقد ذكرنا عمَّن حكينا عنه من أهل اللغة: أنّ كلَّ داعٍ مشمِّتٌ، فهذا على هذا (٢) تشميتٌ لأهل الذمة (٣)؛ لأنّه صلى الله عليه وسلم دعا لهم بالهداية، وتركَ الدعاءَ لهم بالرحمة، فيقتضي أن لا يُدعى للكافر


(١) رواه أبو داود (٥٠٣٨)، كتاب: الأدب، باب: كيف يشمت الذمي، وصححه الحاكم في "المستدرك" (٧٦٩٩).
(٢) أي: فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الذمة: "يهديكم الله، ويصلح بالكم" تشميت على قول أهل اللغة: "إن كل داع مشمت".
(٣) "ت": "الكفر".

<<  <  ج: ص:  >  >>