للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فإن قيل: إذا كان التشميتُ سنّةً، فكيف تُتركُ السنّةُ بكراهة من يكرهُها؟ قيل: هي السنّة (١) لمن أحبَّها، وليس بسنّةٍ لمن يكرهُها (٢)؛ لأن من يَرغَبُ عن الخيرِ، يَرغَبُ الخيرُ عنه، وإن كَرِهَ رجلٌ أن يُسلَّم عليه عند اللقاء، لم يسلَّمْ عليه؛ لِمَا وَصفْنا، كما أنَّه إذا مرض فكرِهَ أن يُعاد، لم يُعَدْ، وإن أوصى مُحتَضِرٌ بأن لا يصلّى عليه إذا مات، صُلِّي عليه؛ لأن الصلاةَ عليه شفاعةٌ له، وهو - إذا أسرف على نفسه بأن أوصى أن لا يُصلَّى عليه - أحوجُ إلى الشفاعة له منه إذا لم يُوصِ به.

وأما السلامُ فتحيةٌ، والتشميت مثلُه، ومن كَرِهَ التحيةَ لم يُحيَّ، كما أن مَنْ كرِهَ الزيارةَ لم يُزَرْ، والله أعلم.

ولأنَّ الصلاةَ عليه ودفنَه واجبانِ بإيجاب الله تعالى، وفرضه، فلا يُعْمَلُ بوصيته في إبطالهما، والله أعلم.

ويظهر لي: أنه إذا أَمِنَ من الضَّررِ من هذا المتكبِّر، فإنَّه ينبغي تشميتُه؛ لأنَّ فيه امتثالًا للأمر (٣)، وفعلَ السنة مع مناقضة كِبْرِه، وكسرٍ سَوْرتهِ (٤) في الكِبْرِ بما يضادُّ مقصودَه، وهذا المعنى أظهرُ من معنى


(١) "ت": "هو سنة".
(٢) "ت": "كرهها".
(٣) "ت": "امتثال الأمر".
(٤) أي: سطوته واعتدائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>