للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاءِ والآفاتِ كلَّها مؤاخذاتٌ يؤاخِذُ اللهُ بها عبادَه، وإنما تكون المؤاخَذةُ بالذنوب، فإذا حَصَلَتْ مغفرةٌ، وأدركت العبدَ رحمةٌ من الله تعالى، لم تقعِ المؤاخذةُ، فإذا قيل للعاطس: يرحمك الله، أو يغفر الله لك؛ أي: جعل الله ذلك لك؛ لقدوم السلامة والصحة لك (١).

الحادية والثمانون: قد يكون فيه أيضًا تنبية للعاطس وتعريضٌ لطلبِه الرحمةَ من الله تعالى بالتوبة من الذنوب، فينبغي أن يستحضرَ ذلك، ويجعل التشميتَ سببًا للتذكير، وتأمّلْ ما دلّ عليه الحديثُ من رد العاطس على المشمت بقوله: "يغفرُ اللهُ لنَا ولكُم" تجدْه مؤكَدًا لهذا المعنى، دالًا على محاسن وضعِ الشريعة ولطائفِ مَقاصدِها.

الثانية والثمانون: ليس في الحديث تعرُّضٌ لتشميت العاطس؛ أعني: هذا الحديث، ولكن في غيره ما أرشد إلى حمد الله (٢) تعالى، كما سيأتي في توقيف التشميت على الحمد، وذكر الإمام الحليْمِيّ في حكمة ذلك: أن معنى حمد لله تعالى عند (٣) العُطَاس (٤): دفعُ الأذى (٥) من الدّماغ الذي فيه قوةُ الذِّكْر والفِكْر، ومنه


(١) انظر: "المنهاج في شعب الإيمان" للحليمي (٣/ ٣٤٠).
(٢) "ت": "حمد العاطس لله".
(٣) "ت" زيادة: "العطاس أن".
(٤) في الأصل: "العاطس"، والمثبت من "ت".
(٥) "ت": "للأذى".

<<  <  ج: ص:  >  >>