للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال] (١): والذي نقول به: إنّ قوله: "يغفر الله لنا ولكم" أولى؛ إذْ لا يَسْلَمُ أحدٌ من مواقعة الذنوب، وصاحبُ الذنب يحتاج إلى الغفران؛ لأنه إن هُدي فيما يستقبل، ولم يُغفَر له ما تقدم من ذنوبه، بقيت التَّبِعَةُ عليه فيها، وإن جَمَعَهما جميعًا، فقال: يغفر الله لنا ولكم، ويهديكم الله ويصلح بالكم، كان أحسن وأولى، إلا في الذمِّي إذا عطس وحمد الله، فلا يقال له: يرحمك الله، وإنما يقال: يهديك الله ويصلح بالك؛ لأن اليهودي والنصراني لا تُغفر له السيئاتُ حتى يؤمن (٢).

قلت: هذا الترجيح الذي ذكره لقوله: يهديكم الله ويصلح بالكم، على قوله: يغفر الله لنا ولكم (٣)، لا يختصُّ بردِّ العاطس على المشمّت، بل هو مطَّردٌ في المشمّت أيضًا، ولا تتأدَّى [به] (٤) السنةُ في المشمّت للمسلم، وإنما تتأدَّى به للكافر، فقد يُستدل بإلغاء هذا الترجيح في المشمّت على الغاية في الرادِّ على المشمّت، فإن المعنى عامٌّ فيهما، فإلغاؤه في أحدهما إلغاءٌ له في الآخر.

وقد يقول المرجِّحُ: إنما أرجِّحُ حيث دلَّ الدليلُ على جوازِ الأمرين، لا حيثُ لم يدلَّ على جوازهما، بل خصص بلفظ آخر


(١) زيادة من "ت".
(٢) انظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (٣/ ٤٤٤ - ٤٤٥).
(٣) وقد تقدم أنه اختيار الطحاوي وعبد الوهاب وغيرهما.
(٤) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>