للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا يُبتنى [على] (١) أن فرض الكفاية على بعضٍ منهم، أو على الجميع، ويسقط بفعل البعض؛ فعلى القولِ الأول: يلزم التخصيصُ لدلالة اللفظ -[الذي هو "أمرنا"] (٢) - على التعميم، وعلى القول الثاني: لا يلزم، والله أعلم.

الثانية عشرة بعد المئة: لا يشترط في مُنكِر المُنْكَر أن يكون عَدْلًا، حتى يجب على متعاطي الكأس أن يوجِّهَ الإنكارَ إلى الجُلًاس؛ لأن النَّهيَ عن المنكر واجبٌ، وتركَ ارتكاب المحرم واجبٌ، والإخلال بأحد الواجبين لا يمنعُ من وجوب الفعلِ الآخر.

ونُقل عن بعضهم: أنه ليس للعاصي أن يأمرَ بالمعروف وينهى عن المنكر استدلالاً بقوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٤٤]، ذكره في مَعْرِضِ الذنب، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢ - ٣].

وربما شنَّع على القائلين بما ذكرناه، بأنه يلزم عليه أنَّ الزاني بالمرأة ينكر عليها كشفَ وجهها (٣).

وجوابُه: أن الجمع بين الأمر بالبرِّ ونسيانِ النفس، وردَ لبيان زيادة القُبْح وتعظيم ما ارتكبوه، لا أنه يشترط في الإنكار عدمَ نسيانِ


(١) سقط من "ت".
(٢) زيادة من "ت".
(٣) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٢/ ٣١٢ - ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>