للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابعة والعشرون بعد المئة: لا يحصل الامتثالُ إلا بما يسمى نصرًا، والنصرةُ على مراتبَ، فما أدّى إلى ارتفاع الضرر وزوال المفسدة فلا شك في الاكتفاء به، كإزالة المنكر باليد.

والإنكار أيضًا باللسان نصرةٌ يُكتفى بها إذا عُجز عن الأولى، على ما جاء في الحديث الصحيح من رواية أبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه -: "من رأى منكمْ مُنْكَرًا فليغيِّرْهُ بيده، فإن لم يستطعْ فبلسانِهِ، فإن لم يستطعْ فبقلبِهِ، وذلك أضعفُ الإيمانِ" (١).

أما إذا حصل العجزُ عن الإنكار باللسان أيضًا، أو قام ما يُسقِطُ وجوبَه، فقد دلَّ الحديثُ المذكورُ أيضًا (٢) على وجوب الإنكار بالقلب، وعلى إطلاق التغيير عليه؛ لأنه قسم التغييرَ إلى تغييرٍ باليد، وتغييرٍ باللسان، وتغيير بالقلب، فاسمُ التغيير منطلق على الجميع، فهل يكون نصرةً كما يكون تغييرًا؟

الأقرب أنه لا ينطلق عليه اسمُ النصرة، فلا يكون هذا الحديث متناولًا له، ويُؤخَذ وجوبُه من حديث أبي سعيد المذكور، وعلى هذا يُحتاج إلى النظر في السبب الذي لأجله سُمِّيَ تغييرًا ولم يسمَّ نصرةً.

[ويمكن أن يكون سببُ تسميتِه تغييرًا: من جهة أنَّ النفسَ تدعو إلى عدم التغيير؛ إما للميل إلى الشَّهوات، أو لأن التغييرَ سببٌ لإثارة


(١) رواه مسلم (٤٩)، كتاب: الإيمان، باب: بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان.
(٢) "ت": "آنفًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>