للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطعَ أذناً فَبرِأ، أو نتفَ حاجبًا فَبرِأَ، ولم ينبت، فليس فيه إلا ما نقصه، وهذا محكيٌ عن أبي حنيفةَ رحمة الله عليه.

فإن بلغ من الجناية على العبد ما لو جنى على حرٍّ لوجب فيه الديةُ كلُّها، فليس له إلا إمساكُهُ كما هو، ولا شيء له، أو إسلامُه إلى الجاني، وأخذ جميع قيمته، ما لم تبلغْ عشرةَ آلافِ درهمٍ فصاعدًا، فليس له إلا عشرةُ آلافِ درهم غيرَ عشرةِ دراهم، وفي الأمةِ نصفُ ذلك، وقد نُقل في المسألة غيرُ هذه الأقاويل التي ذكرناها (١).

أما القول الأول - وهو تضمين الجراحات بما نقص من القيمة مطلقًا - فظاهر، وطريقُ الاستدلالِ عليه من الحديث أن يقالَ: قد عُلِمَ جزمًا أن مقصودَ التضمين في الجنايات على الأموال جبرُ ما فات على المالك بالجناية، والجبرُ يقتضي (٢) المماثلةَ والمساواةَ، فما نقص أو زاد فهو ظلم؛ إما للمالك أو للجاني، فحينئذ نقول: لو كانت جراحُ العبدِ من قيمته كجراح الحرِّ من ديته، لزم إما الظلم للمالك أو الجاني.

بيانُ الملازمة: أنه إذا لو قَطعَ يدَ عبدٍ يساوي مئةً (٣)، فنقَصَ من قيمته ثلاثون، فإيجابُ الخمسين مع حصول الجبر بثلاثين ظلمٌ


(١) انظر: "المحلى" لابن حزم (٨/ ١٥٢)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله مذاهب العلماء التي ذكرها.
(٢) "ت": "والجبر مقتضى".
(٣) "ت": "يساوي من قيمته"، وكتب في الهامش: "لعله خمسين".

<<  <  ج: ص:  >  >>