للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلأنْ يسقطَ إذا خاف الضررَ أولى، وهذا ظاهرٌ.

وأما الجواز: ففي "الإحياء" فيما إذا علم أنه لا ينفع كلامُه، ويتضرر إن تكلم: لا يجب عليه الحِسْبةُ، بل ربما يحرُم في بعض المواضع، قال: نعم يلزُمه أن لا يحضرَ موضعَ المنكر، ويعتزلَ في بيته حتى لا يُشَاهِدَ، ولا يخرجَ إلا لحاجة مهمة أو واجب، ولا يلزمه مفارقةُ البلد والهجرةُ إلا أن يُرهقَ إلى الفساد، أو يُحملَ على مساعدة السلاطين في الظلم والمنكرات، فيلزمه الهجرةُ إن قدر عليها، فإن الإكراهَ لا يكون عذراً في حقِّ من يقدر على الهرب من الإكراه (١).

وقال غيرُه من المتكلمين: إن غلب على ظن المُنْكِر أن الذي يُنْكِر عليه لا يترك المنكَر، ويُوصِلُ إليه الضررَ الكبيرَ، لم يجزْ [له] (٢)؛ لأنه مفسدةٌ محققة من غير وجود مصلحة.

ورأيت في "المحيط" (٣) من كتب الحنفية في كتاب "السير"، وذكره عن "السير الكبير": أنه لا بأس بأن يحملَ الرجلُ وحدَهُ على العدو إذا كان بحيث يُنْكِي فيهم ظاهراً، ووجَّهَ ذلك، ثم ذكر بعده: وإن كان يعلم أنه لا يُنْكِي فيهم، بل يُقتَل، فإنه لا يحلُّ له أن يحملَ


(١) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٢/ ٣١٩).
(٢) زيادة من "ت".
(٣) للإمام شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي الحنفي المتوفى سنة (٤٣٨ هـ)، كتاب "المحيط" في الفقه في عشر مجلدات، صنفه أولاً ثم لخصه قال: جمعت فيه عامة مسائل الفقه مع مبانيها ومعانيها. انظر: "كشف الظنون" لحاجي خليفة (٢/ ١٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>