للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أشبه ذلك، فهذا الإطلاق يدخلُ تحته أن يؤديَ إلى قتلِ نفسه، ويمكن أن يريد به (١) قتلَ نفسِ غيره.

هذا إذا كان ما يتركه أيسرَ مما يفعله، فأمّا إن كان ما يتركه أعظمَ مما يفعله، فحكى محمود عن مشايخه اختلافاً، قال: قال قاضي القضاة؛ [يعني: عبد الجبار بن أحمد] (٢): إنَّ هذا الإنكار قبيحٌ.

قال: وقال شيخُنا أبو الحسين: إنه حسنٌ، واتَّفقوا على أنه غيُر واجب؛ لأن إلله تعالى أباح [لنا] (٣) كلمةَ الكفر في حال الإكراه خوفاً على النفس؛ [أي] (٤): فلأَنْ يباحَ لنا أن نتركَ غيرَنا يفعل المنكر خوفاً على النفس أولى.

قال: واحتج قاضي القضاة بأن هذا الإنكارَ مفسدةٌ؛ يعني: بخلاف تركِ إظهارِ كلمة الكفر؛ لأنَّ فيه إعزازَ الدين، وقال الشيخ أبو الحسين: لا فرقَ بينهما؛ إذْ في كل واحد منهما إعزازُ الدين.

قلت: مشايخ محمود هذا معتزلة.

الثانية والخمسون بعد المئتين: هذا الذي حكيناه من الخلافِ في الإنكار على شرب الخمر إذا أدى إلى قتل المُنْكِرِ، له عندي تعلُّقٌ بمسألة جواز الاستسلام للصائل المسلم على النفس، وفيه اختلافُ قولٍ عند الشافعية - رحمهم الله -، فإِنْ أبحناه فهذا أولى بالإباحة؛ لِمَا


(١) في الأصل "له"، والمثبت من "ت".
(٢) زيادة من "ت".
(٣) زيادة من "ت".
(٤) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>